فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أما الراحة الأبدية في الآخرة فهي زمن لا نهايةَ له، ونعيم خالد لا ينتهي، ففي أيِّ شيء يطمع الإنسان بعد هذا كله؟ وإلى أيِّ شيء يطمح؟
لذلك قال تعالى بعدها: {قُل لَّوْ كَانَ البحر}.
لأن قدرته تعالى لا حدود لها، ومادامت قدرته لا حدود لها فالمقدورات أيضًا لا حدود لها؛ لذلك لو كان البحر مدادًا أي: حِبْرًا يكتب به كلمات الله التي هي كُنْ التي تبرز المقدورات ما كان كافيًا لكلمات الله {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109] أي: بمثل البحر.
ونحن نقول مثلًا عن السلعة الجيدة: لا يستطيع المصنع أنْ يُخرِج أحسن من هذه، أما صنعة الله فلا تقف عند حد؛ لأن المصنع يعالج الأشياء، أما الحق تبارك وتعالى فيصنعها بكلمة كُنْ؛ لذلك نجد في أرقى فنادق الدنيا أقصى ما توصَّل إليه العلم في خدمة البشر أنْ تضغط على زِرِّ معين، فيُخرِج لك ما تريد من طعام أو شراب.
وهذه الأشياء بلا شكَّ مُعدَّة ومُجهَّزة مُسْبقًا، فقط يتم استدعاؤها بالضغط على زر خاص بكل نوع، لكن هل يوجد نعيم في الدنيا يحضر لك ما تريد بمجرد أن يخطر على بالك؟ إذن: فنعيم الدنيا له حدود ينتهي عندها.
لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:
{حتى إِذَآ أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس كذلك نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].
وكأن الحق سبحانه يقول لنا: لقد استنفدتم وسائلكم في الدنيا، وبلغتم أقصى ما يمكن من مُتَعِها وزينتها، فتعالوا إلى ما أعددتُه أنا لكم، اتركوا ما كنتم فيه من أسباب الله، وتعالوا عِيشُوا بالله، كنتم في عالم الأسباب فتعالوْا إلى المسبِّب.
وإنْ كان الحق سبحانه قد تكلم في هذه الآية عن المداد الذي تُكتب به كلمات الله، فقد تكلَّم عن الأقلام التي يكتب بها في آية أخرى أكثر تفصيلًا لهذه المسألة، فقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله} [لقمان: 27].
ونقف هنا عند دِقَّة البيان القرآني، فلو تصوَّرنا ما في الأرض من شجر أقلام، مع ما يتميز به الشجر من تجدُّد مستمر، وتكرُّر دائم يجعل من الأشجار ثروة لا حَصْر لها ولا تنتهي، وتصوَّرنا ماء البحر مدادًا يُكتب به إلا أنّ ماء البحر منذ خلقه الله تعالى محدود ثابت لاَ يزيد ولا ينقص.
لذلك لما كان الشجر يتجدَّد ويتكرَّر، والبحر ماؤه ثابت لا يزيد. قال سبحانه: {والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لقمان: 27] ليتناسب تزايد الماء مع تزايد الشجر، والمراد سبعة أمثاله، واختار هذا العدد بالذات؛ لأنه مُنتَهى العدد عند العرب.
وقد أوضح لنا العلم دورة الماء في الطبيعة، ومنها نعلم أن كمية الماء في الأرض ثابتة لا تزيد؛ لأن ما يتم استهلاكه من الماء يتبخّر ويعود من جديد فالإنسان مثلًا لو شَرِب طيلة عمره مائة طن من الماء، فاحسب ما يخرج منه من بول وعرق وفضلات في عملية الإخراج تجدها نفس الكمية التي شربها، وقد تبخرتْ وأخذَتْ دورتها من جديد؛ لذلك يقولون: رُبَّ شربةِ ماء شربها من آدم الملايين.
ثم يقول الحق سبحانه: {قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}.
{قُلْ} أي: يا محمد، وهذا كلام جديد {قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} [الكهف: 110] يعني: خُذُوني أُسْوة، فأنا لست ملَكًا إنما أنا بشر مثلكم، وحملتُ نفسي على المنهج الذي أطالبكم به، فأنا لا آمركم بشيء وأنا عنه بنجْوَى. بل بالعكس كان صلى الله عليه وسلم أقلَّ الناس حَظًّا من مُتَعِ الحياة وزينتها.
فكان في المؤمنين به الأغنياء الذين يتمتعون بأطايب الطعام ويرتدُونَ أغْلى الثياب في حين كان صلى الله عليه وسلم يمر عليه الشهر والشهران دون أنْ يُوقَد في بيته نار لطعام، وكان يرتدي المرقّع من الثياب، كما أن أولاده لا يرثونه، كما يرث باقي الناس، ولا تحل لهم الزكاة كغيرهم، فحُرِموا من حَقٍّ تمتع به الآخرون.
لذلك كان صلى الله عليه وسلم أدنى الأسوات أي: أقل الموجودين في مُتع الحياة وزُخْرفها، وهذا يلفتنا إلى أن الرسالة لم تُجْرِ لمحمد نفعًا دنيويًا، ولم تُميِّزه عن غيره في زَهْرة الدنيا الفانية، إنما مَيَّزتْه في القيم والفضائل.
ومن هنا كان صلى الله عليه وسلم يقول: «يرد عليَّ يعني من الأعلى فأقول: أنا لست مثلكم، ويؤخذ مني فأقول: ما أنا إلا بشر مثلكم».
والآية هنا لا تميزه صلى الله عليه وسلم عن البشر إلا في أنه: {يوحى إِلَيَّ} [الكهف: 110] فما زاد محمد عن البشر إلا أنه يُوحَى إليه.
ثم يقول تعالى: {أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ} [الكهف: 110] أنما: أداة قَصْر {إلهكم إله وَاحِدٌ} [الكهف: 110] أي: لا إله غيره، وهذه قِمَّة المسائل، فلا تلتفتوا إلى إله غيره، ومن أعظم نعم الله على الإنسان أنْ يكونَ له إله واحد، وقد ضرب لنا الحق سبحانه مثلًا ليوضح لنا هذه المسألة فقال تعالى: {ضَرَبَ الله مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [الزمر: 29].
فلا يستوي عبد مملوك لعدة أسياد يتجاذبونه؛ لأنهم متشاكسون مختلفون يَحَارُ فيما بينهم، إنْ أرضي هذا سخط ذاك. هل يستوي وعبد مملوك لسيد واحد؟ إذن: فمما يُحمَد الله عليه أنه إله واحد.
{فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ} [الكهف: 110] الناس يعملون الخير لغايات رسمها الله لهم في الجزاء، ومن هذه الغايات الجنة ونعيمها، لكن هذه الآية تُوضّح لنا غاية أَسْمى من الجنة ونعيمها، هي لقاء الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم، فقوله تعالى: {يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهًِ} [الكهف: 110] تصرف النظر عن النعمة إلى المنعم تبارك وتعالى.
فمن أراد لقاء ربه لا مُجرَّد جزائه في الآخرة: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: 110] فهذه هي الوسيلة إلى لقاء الله؛ لأن العمل الصالح دليل على أنك احترمتَ أمر الآخر بالعمل، ووثقتَ من حكمته ومن حُبِّه لك فارتاحتْ نفسك في ظلِّ طاعته، فإذا بك إذا أويْتَ إلى فراشك تستعرض شريط أعمالك، فلا تجد إلا خيرًا تسعَدُ به نفسك، وينشرح له صدرك، ولا تتوجَّس شرًا من أحد، ولا تخاف عاقبة أمر لا تُحمَدُ عقباه، فمَنِ الذي أنعم عليك بكل هذه النعم ووفَّقك لها؟
ثم: {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًَا} [الكهف: 110] وسبق أن قُلْنا: إن الجنة أحد، فلا تشرك بعبادة الله شيئًا، ولو كان هذا الشيء هو الجنة، فعليك أنْ تسموَ بغاياتك، لا إلى الجنة بل إلى لقاء ربها وخالقها والمنعِم بها عليك.
وقد ضربنا لذلك مثلًا بالرجل الذي أعدَّ وليمة عظيمة فيها أطايب الطعام والشراب، ودعا إليها أحبابه فلما دخلوا شغلهم الطعام إلا واحدًا لم يهتم بالطعام والشراب، وسأل عن صاحب الوليمة ليُسلِّم عليه ويأنس به.
وما أصدق ما قالته رابعة العدوية:
كُلُّهم يَعبدُونَ مِنْ خَوْفِ ** نارٍ ويروْنَ النَّجاةَ حَظَّا جَزِيلًا

أَوْ بأنْ يسكنُوا الجِنَان فيحظَوْاَ ** بقصُورٍ ويشْرَبُوا سَلْسَبِيلا

ليسَ لِي بالجنَانِ والنَّارِ حظُّ ** أنَا لا ابتغِي بحُبِّي بَدِيلا

وهذا يشرح لنا الحديث القدسي: «لوْ لَم أخلق جنة ونارًا، أما كنتُ أَهْلًا لأنْ أُعْبَد؟».
فلا ينبغي للعبد أن يكون نفعيًا حتى في العبادة، والحق سبحانه وتعالى أهْل بذاته لأن يُعبد، لا خوفًا من ناره، ولا طمعًا في جنته، فاللهم ارزقنا هذه المنزلة، واجعلنا برحمتك من أهلها. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

{أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لمساكين يَعْمَلُونَ في البحر}.
ويكسبون قوتهم، {فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا}؛ أي أجعلها معيبة.
{وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ}، أي أمامهم ملك.
روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ ملك: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}؛ وكان ابن عباس يقرأ أيضًا كل سفينة صالحة غصبًا أَي: كل سفينة بغير عيب.
وكان اسم الملك جلنذا، يعني: أنها لو كانت بغير عيب أخذها الملك؛ فإذا كانت مع العيب تبقى للمساكين.
قال الفقيه أبو الليث: فيه دليل أن للوصي أن ينقض مال اليتيم إذا رأى فيه صلاحًا، وهو أنه لو كانت له دار نفيسة، فخاف أن يطمع فيها بعض السلاطين، فأراد أن يخرب بعضها ليبقيها لليتيم جاز.
وروي عن أبي يوسف أنه كان يجيز مصانعة الوصي في مال اليتيم، وهو يدفع من ماله شيئًا إلى السلطان ليدفعه عن بقية ماله.
{وَأَمَّا الغلام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا}، أي يقول يكلفهما {طغيانا وَكُفْرًا}، يقول؛ تماديًا وإثمًا.
{فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا} قرأ نافع وأبو عمرو {يُبْدِلَهُمَا} بتشديد الدال، وقرأ الباقون بالتخفيف، ومعناهما واحد.
يقال: بدل وأبدل بمعنى واحد أي يعطيهما ولدًا غير هذا الولد.
{رَبُّهُمَا خَيْرًا مّنْهُ}، أي أفضل.
{زكواة}، أي ولدًا صالحًا.
{وَأَقْرَبَ رُحْمًا}، أي أوصل رحمًا ويقال رحمًا.
ويقال: أقرب رحمة وعطفًا عليهما.
قال الكلبي: فولدت امرأته جارية فتزوجها نبي من الأنبياء، فهدى الله على يده أمة من الأمم.
{وَأَمَّا الجدار فَكَانَ لغلامين يَتِيمَيْنِ في المدينة} أحدهما أصرم والآخر صريم، {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا}؛ قال الكلبي: أي مال لهما، وقال مقاتل ومجاهد: كل شيء في القرآن من كنز فهو مال غير هنا، فإنه الصحف التي فيها علم؛ وقال الضحاك: كنز لهما أي علم لهما قال الفقيه: حدّثني أبي بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وجد تحت الجدار الذي قال الله تعالى: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا} لوحا من ذهب؛ والذهب لا يصدأ ولا ينقص مكتوب فيه بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يوقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها. لا إله إلا الله محمد رسول الله».
روي عن ابن عباس أنه قال: كان في اللوح خمس كلمات وذكر نحوه.
قوله: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صالحا} ذا أمانة واسمه كاشح، فحفظا بصلاح أبيها ولم يذكر منهما صلاحًا.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنّ الله تعالى لَيُصْلِحُ بِصَلاَحِ الرَّجُلِ أهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَأَهْلَ دُوَيْرَتِهِ وَأَهْلَ الدُّوَيْرَاتِ حوله».
{فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا}، أي يبلغا مبلغ الرجال، {وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مّن رَّبّكَ}؛ أي نعمة من ربك.
{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى} أي من قبل نفسي ولكن الله أمرني به.
{ذَلِكَ تَأْوِيلُ}، أي تفسير {مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا}.
تستطع وتسطع بمعنى واحد، يقال: اسطاع واستطاع.
قال الفقيه رضي الله عنه: حدّثنا الخليل بن أحمد قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد الدوري قال: حدّثنا الحجاج الأعور قال: حدّثنا حمزة الزيات، عن أبي إسحق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد بدأ بنفسه وقال: «رَحْمَةُ الله عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى فَلَوْ كَانَ صَبَرَ لَقَصَّ الله عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا». وفي رواية أخرى: «لَقَصَّ الله عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا العَجَائِبَ» فلما أراد موسى أن يرجع، قال للخضر: أوصني. فقال له الخضر: إياك واللجاجة، ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، ولا تعير الخطائين بخطاياهم، وابكِ على خطيئتك يا ابن عمران.
قال مجاهد: إنما سمي الخضر خضرًا، لأنه لا يكون بأرض إلا اخضرت.
ثم قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِى القرنين}، وكان اسمه اسكندر.
وروي عن وهب بن منبه أنه قيل له: لم سمي ذا القرنين؟ فقال: اختلف فيه أهل الكتاب، فقال بعضهم: لأنه ملك الروم وفارس، وقال بعضهم: لأنه كان في رأسه شبه القرنين، وقال بعضهم: لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها، فسماه الملك الذي عند قاف ذا القرنين، ويقال: رأى في المنام أنه دنا من الشمس وأخذ منها، فقصَّ رؤياه على قومه فسموه ذا القرنين، وقال الزجاج: سمي ذا القرنين لأنه كان له ضفيرتان.
وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: ضرب على قرني رأسه، وقيل: لأنه بلغ قطر الأرض؛ وقال عكرمة: كان ذو القرنين نبيًا ولقمان نبيًا والخضر نبيًا، وروى مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص كان ذو القرنين نبيًا؛ وروي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن ذي القرنين، فقال: كان رجلًا صالحًا ولقمان كان رجلًا حكيمًا؛ وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذي القرنين فقال: هو ملك يسبح في الأرض؛ وقال مجاهد: ملك الأرض أربعة، اثنان مؤمنان واثنان كافران.
أما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران فالنمرود بن كنعان وبختنصر.
قال تعالى: {قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مّنْهُ ذِكْرًا}، أي خبرًا وعلمًا من الله تعالى.
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ في الأرض}، أي ملكناه وأعطيناه {واتيناه مِن كُلّ شيء سَبَبًا}، أي علمًا؛ ويقال: أعطيناه علم الوصول إلى كل شيء يحتاج إليه من الحروف وغيرها، ويقال: علمًا بالطريق {فَأَتْبَعَ سَبَبًا}، أي أخذ طريقًا فسار إلى المغرب، {حتى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشمس وَجَدَهَا تَغْرُبُ في عَيْنٍ حَمِئَةٍ}؛ قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر {حَامِئَةٍ} بالألف، وقرأ الباقون {عَيْنٍ حَمِئَةٍ} بغير ألف.